الخميس، 10 يوليو 2014

عن النص القرآني

لم يكن القرآن نصا تجريديا ،نزل منجدلا بالواقع و مرتفعا عنه ، ومنه كان هذا الاتساع اللغوي لمعانيه . إشكالية تاريخيته - أي التصاقه بظروف نزوله مكانيا و زمانيا و اشتباك هذه الظروف في معانيه و مبناه - يمكن أن تعامل إيجابيا باعتباره منبثَقا هدائيا لا يضعف بسبب قدمه بل يكتسب قيمة أكبر بقدمه التاريخي هذا، و التركيز على سؤال التجربة التأويلية الفردية الناضجة والواعية و إعطائها حجمها الذي تستحق.
عملية الالتقاء بنص القرآن و التحاور معه تبدأ بوضوح حين يعي الذهن الصورة الأولية للنص فيه ؛كيف يراه ؟ وما هي الطبيعة التي توجه تأويله له؟
و عدم الوعي بها ابتداء وحده يجعلها عملية ناقصة و مشوهة
أعظم ما قدمه القرآن لم تكن اللغة فقط، ولا مبناها الصارم المبهر فقط ، كان نص القرآن دوما موضوعي ، ليس مجرد إشارات تثير معنى و تحيل لآخر إلى ما لا نهاية ، أبدا
هو يحمل معنى و حقيقة ذات وجه محدد لكنها متسعة حتى أقصاها ، وبذلك كان أهم ما قدمه القرآن استخدام هذا الاتساع في صنع الجهاز المفاهيمي الخاص به ؛ إعادة تنظيم كونية للمفاهيم و القيم و تعريضها للتحويل دلاليا بشكل عميق نتيجة إدخالها في المجال للمفهومي الجديد للوحي الإلهي ، و الرؤية القرآنية الكونية الجديدة لله و للإنسان و للوجود. وكل ما ترمي إليه التجربة التأويلية يجب أن يكون استكشاف هذه الرؤية و بنيتها التي دعّمتها الدلالة ، و الغوص في تصورها الجديد للكينونة و الوجود ومسائلته بوعي و عمق .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق