الاثنين، 26 مايو 2014

أثقل منكِ

أردتِ وقتها أن تنبجسي من عتمة صوتيّة عالية بداخلك و قد هامَت السماء على وجهك . تقمّصتكِ لحظة كتيمة عصيّة على الفهم ،خانها المنطق وأصمّتها جميع الاحتمالات و فقدت شفافيتها تماما ، فهوَت عارية نحو مجهول صاخب لا يحتمل . ولولا اقتناعك بأن الحياة تحملُ في سرّها أسباب بذائتها وسخريتها سويا 
لولا هذا الوهم الأولي والأساسي لما استطعت الاستمرار في العيش أو على الأقل الاستمرار في أخذ هذه الحياة على محمل الجد .
لكِ الليل وحدكِ ، هكذا جلياً أمامك بلا أي قدرة على إبعاده ،إنه معك مذ تصالحتِ معه و بدأت بالاعتناء به بصورة حميمية ، فالتصق و صار شيئا أبعد من تهتمي به، شيئا قريبا إلى درجة مللت من النظر إليه ، إنه ليس على مد نظرك ، غير مرئي ينسلّ من داخلك بلا مجرى محدّد . الليل طوركِ في النضوج ، و فرصتك التي تشبه السراب للعبور .
العبور وهم زهيد ، كلمة جوفاء ، هبّة ريح نلاحقها ، نور تركناه في غرفة بداخلنا صاحيا علّنا نعود له و ناخذ فرصتنا الأخيرة في الخروج عبره ، فخدَعَنا و أكمل دوره فينا حتى شهد تشردنا فيه باحثين عنه كسبيل وحيدٍ للنجاة . لم يكن حقيقيا ..لم يكن طريقا..
هكذا بكل بساطة تعبر فيك الحقيقة \قافلة من الطلقات العجولة
هكذا دون ماء ، ودون طريق للرجوع منها بأقل قدر من المعافاة ،أو بأقل الدعوات الفقيرة كي تسيري وتُخفي عن الموت طريقه لإكمال المسير نحو الجهات التي تحمل شتات قلبك.
قتلك الضياء الكثيف ، وتجنّبك صريعة بحثكَِ عنه طوال هذا الطريق الطويل ،وسلبك وجوهاً انتميت إليها
مكانا اخيرا
وأردتِ بكاء أخيرا يجمل شبحك الخائف من الفقد التام لملامحه ، أردت نبضاً بديلا عن الذي تكسر بين خافقيك
أردتِ وجهاً ..وجهاً بعيدا \ كتفاً يعرفك من وحشتك ،حياّ
فلا يأخذ شيء مما تبقّى منك ، ولا تتاخر الشهقات في حضرته ..
أردتِ قليلا من الجديّة فيما تجدِلُ الحياة فيكِ من قصص غائمة في الغياب النهائي
أردتِ أن تصرخي ،بكل ما تملكين .. ولو قليلا
"يا موت لو تتأخر
على من نحب
تاخر قليلاً .."

الأحد، 25 مايو 2014


http://soundcloud.com/banan-syria/q6h4mvteb3nc

زائري هذا الصباح كان واقفاً في الذاكرة كما مضى ، ممسكا المسبحة في كفيه كما يفعل دوما ليستدرج الغيم. كان الليل ، وكان أسوداً كالرحيل جافّا يحاول البلل من صمته الطويل أمامي، مشيتُ نحوه علّني أنجو من دمع ثقيل ركد في صدري، فعَبَرتُه إذ نادى : أما زلتِ تهجسين بي ؟وأنا الذي لم أعش عمراً كافياً لأعرف وقْع خُضرتي بداخلكِ ، أو ما ستمنحينه لاسمي من لهفتكِ ؟ "
متّ يا جدي في يوم باهت قد ابتلع ضوءه في داخله من أثر تحديقك ، وغسلناك بالذاكرة الهامِسة . ها أنت اليوم ترتاح في أمس بعيد عنا ،يدنو بقربك كل مساء، وحدكَ
وحدك
تاركاً أبواب قبرك مشرَعة لتوافي من تحب في المنامات الغائمة بك
لا سقف لذاكرة تحاول الاعتياد على رحيلك ، وأنا وحيدة هذا الصباح من بعدك أردد دونما معنى صمتك الجليل ، وقد حفّ القلب غيابكَ المتهدّج فينا نايات
ليتني أدركت كم سنة ستمر قبل أن يصفّر الريح في نثارك ، كم سأسصعد في انتظاري وانتظار أقاصيصك
كم دعاء سنرسله إليك على ما بقي منك فوق ، فوق
كم سنطلّ على الفجر مرتعشين من صورتك الضائعة في حطامنا ؟
لم أعد من طوفانك يا جدي ككل من عادوا
لا اسم كامل لي ولا طيف يحميني من كل هذا الهباء بعدك
وأشعر أنني وحدي .
أما زلت بقربي؟
أنا ... لا أراك . يا أنت
يا حارس الصمت الجليل
أنا لا أراك!

21\5\2014
خمس أشهر على اغتسالنا بطيفك الثقيل
الثقيل . ولا ظلّ للفجر من بعدك .


الأربعاء، 21 مايو 2014

the network is unstable ...

أخفَقتُ من جديد وأنا أحاولُ أن أمسك نبضي علّه يكفي لأن لا ينقطع الخط. سمعتك همساً صارخاً من بلاد سحيقة سرقتكَ من الوقت ومني بكل ألقٍ ، وعبرنا كمينَ الوقت والمسافة ،فانقطع بنا النور مرة واحدة 
.وكصرخة غريق سِرتُ أنا \الأخيرة في السراب أنتظر قدومك من جديد ،
التماع الحنين في الظلام أنا، وبقية البكاء عند ساعة مغيب متوحد بك ، وأنا التي لم أفهم إيماءة الوُجهة حين سلبتك منّي أول الخلق ، بلا إياب قريب 
سأحاول أن أحمل ليلاُ ثقيلا في رأسي يرفّ ويُحنيه طويلاً ، 
علّك تأتي مصادفة قبل أن يعود الفجر من الطوفان ، قبل أن يسكن الهباء عاثراً بكل هذه الخفة والضياع..
علّك برَجْعِ انبهار الصدى من كل هذه الضياء ، تنهمرُ إليّ
علّ خطوة بطول هذا الممر السرابي المؤدي إليك تعيدُك ، فتنهمِر فيّ!

السبت، 17 مايو 2014

لا ليل أثقل من ساكنيه

كيف عليّ يا صديقة أن أصف لك تهشُّم وجه القمر الليلة في يديّ حينما اعتصرته وقد نضَج جسدي بأساه ،ولم أستطع احتماله؟ كيف أستطيع أن أنتحب عاليا فيصلك 
ِ في كل هذا الظلام عبءُ هذا القلب المترَح بالفقد ؟ كيف أستطيع أن أخيط الجرح وأنت تنظرين دون أن أفتحه على وسعه كل مرة؟
كيف أستطيع يا صديقة أن أغني لك عمرا طويلا راهنت على استعادة عافيتي منه ، وانتصر بي و واراني في سجلّه ؟
لم تنادي هذه الوحدة أحداً لهذا الليل الطويل فيشاركني بؤساً مثقوبا مني ، هذا الغياب المصنوع مني
لا أحد يا صديقة فآوي إليه من غربة استشرت فيّ ونبتت كيفما اتفق ، تنتظر أقل الأوقات ترقبا لتنفجر فيّ نيازكُ من ضياء و دم منثور
لا أحد لأبتكر على أكتافه أعيادا من رحم هذا الحزن، من جهته الأبعد .
أنا هشّة يا صديقتي بما يكفي لأن تجرحني فراشة مرّت بهذا القلب فاحترقت ، انا هشّة بما يكفي لأن يقطع الظل خواصري ، راقصاً
أنا يا صديقة لا أحد ، في هذا الليل المسفوح المخذول المرابط على ما بقي مني
أنا لا أحد، فكيف علي أحمل عبء كل هذا التمزق والتشظي المكتمل تماما فيّ ، والمفترس لكل ما يدنو مني ؟

لا ليل أثقل من ساكنيه ، لا سماء لنهيم على وجوهنا فيها
ولا حناناً
ولا حناناً واسعا ، عاليا ليُلَملِمنا !

الجمعة، 16 مايو 2014

هذا حضورك فيي ، وهذا انتحار اللغة



كيف يمكن أن يُمدّد القلبُ و يتصّل بعيداً عن الزمان ، قريبا قريبا من مبعث الوحي الكثيف هذا الذي يحركه بيدين بعيدتين ؟ أن يَبتلع كل هذه الخوف المتربص بظلال الموت و المسافة ورائحة البارود ، ومن صدعٍ في السماء يكبر كلما ناحت البلاد و أدركتني بعيداً بعيداً عنك ؟
كيف يمكن أن تضيء لي الأشياء هذا الارتياب الأسود من كل شيء لا يَشي أو يدلُّ عليك؟
تخونني الأبجديه كلما باغتّني ، وظلّلت حصاركَ في ذهني
وكلما حاولت أن أمدّد المعنى حولك رغبة بإيقاف وجودك المتسمّر هذا لحظة ،علّني أفيه بهاءه تامّا ،كاملا .
أعترف بأني أكلتُ رسائل كثيرة كنت قد ملأتها فيكَ و عُدْت ودبَجتُ هوامشها حتى لا أدع فيها بياضاً يدّعي خفة لوجودك ، ملأتُها و ضقت بها وابتلعتها حينما عجزت أن تحمل اختلاجاتي إليك بكل المجاز وبكل قصوره.
أعترف بأن المسافة حقيقة ، و باردة .واللغة علاماتٍ وكلماتٍ فارغة ،جوفاء لم تخلق لاعتصارالمبهم والحرائق ،
وأنك أنتَ أنتَ الأَثير المتّقد أراكَ ،و تُعتصر من داخلي وتتدفق فلا تنقطع أو تبرد، وأنني العاجزة أنا الفقيرة لا أملك إلا أن أصلّي لأحيط بكل هذا اللانهائي المُحال فيك..ذلك القريب القريب المتلألئ دوما ، قاهراً المسافة وكل الغياب