الجمعة، 28 فبراير 2014

عن النقد اللاذع الموجّه لملتقى التاريخ




المشكلة أننا حتى عندما تناولنا مفهوم النقد السليم و البنّاء وقعنا في أفخاخ منطقية انجذبت لها عقولنا السلطوية ، فعقلنا البشري لم يتكيف على استخدام المنطق في مكانه الصحيح، ومذ لاح طيف منه -و إن كان وهماً ضخمته التجربة و غرورها بداخلنا - اعتقدنا بأننا على مقدرة من استخدامه كما نريد و بالسياق الذي يستفزنا لذلك ، و غالباً في مثل هذه الحالات التي تستفز سلطوية العقل، هناك ميل إلى البدء من النتيجة قبل حتى بناء حجة تدعم هذه النتيجة .

لم يزعجني النقد الذي قدمه أحد الدكاترة النفسيين المعروفين للملتقى التاريخ كعملية بحد ذاته ، ولكن يعنيني طريقة الوصول لنتيجة هذا النقد . أنت عندما تقف أمام الطرح ناقداً معترضاً وتبدأ بتحليل نفسيات "الشباب" التي قدمت لفعالية تهدف إلى إعادة الإعتبار لعملية النقد الذاتي للتجارب والتاريخ ، من خلال موقع تواصلي يتيج لكل الموجودين نقل وجهة رأيه الشخصية و البحتة بغض النظر عن محتوى الملتقى ، وتحكم عليهم وعلى محتوى الملتقى بكل جرأة وسهولة دون أن تتطلع بطريقة أكثر موضوعية وقرب ميداني حقيقي ، بأنهم معطلي مسيرة النهضة ، فأنت وقعت في مغالطة تعميمية لاذعة و لا ترمي لشيء من الفائدة .
مجرد النقد بحد ذاته لا يعطي المنهج المستخدم - التعميم القاتل- قداسة معينة ،ولا يبرر لك التشهير بهذه الطريقة الغريبة لفعالية كهذه .

المبهر في القضية هو الإنقياد الواضح للجماهير لدعم مسيرة النقد اللامنطقية التي قدمها هذا الدكتور ، دون الرجوع لأي من مواد و مخرجات الملتقى ، و دون حتى الرجوع للمادة الإلكترونية التويترية التي حكم عليها معمّماً ، واللجوء إلى التشهير بانفعالات الرد على النقد عوضاً نقد النقد المطروح منذ البداية .

هذه هي السيكولوجية الجماهيرية التي حدثنا عنها غوستاف والتي تقبل ما يقوله الزعماء و العلماء والمثقفين، و تنخفض فيها الطاقة التفكيرية ،ومايوحي به إليها ترفعه إلى مصاف المثال ثم تندفع به، بإرادتها الكاملة دون أي حجة منطقية سليمة