الجمعة، 20 سبتمبر 2013

ما بعد قراء في "تاريخ العرب "

البارحة، و قد وُضعنا أمام فرص لاستحضار ذاكرتنا المرّة عن كلّ ما مررنا به في سوريا طوال الأربعين سنة الماضية، و عن كلّ ما خرجنا لأجله منذ سنتين ، لسردها أمام أحدهم ، كنت قد عاصرت عاصفة من المشاعر والأفكار لم يسبق أن عايشتها قبل ذلك. 
اليوم و أنا أنهي كتاب تاريخ العرب (من فترة العثمانيين وحتى يومنا هذا تقريباً ) أحسست بشيء مشابه لكنّ أشد مرارة. 

كيف يمكن للذاكرة أن تصمد دون الإهتراء الكامل أمام كلّ هذه العاصفات؟ هل من الطبيعي أن يستوعب الإنسان بأن دورة الزمن الطبيعية تفرض سننها بهذه الطريقة الموغلة بالوحشية و بالنقمة على الجنس بشري حامل كل الرايات ، بكل أنواعها ، مبرراً لإنسانيته في مواضع و حيونته في أخرى بكل الطرق والوسائل ، ثم يُنسى هذا المخلوق ، بكل تراكيبه و تعقيداته ، كأي حدث مهمل ، و ربما استطاع -بأحسن الأحوال- أن يظفر بسطر واحد في كتاب تاريخ لا يمسه إلا المتطفلون؟

كيف يمكن اختزال عمق هذه التجارب التاريخية و الإنسانية بحروف لغةٍ حتى هي تبدو مثقلة من هذا العبء العظيم ؟
قيمة الجنس البشري في ذاكرتي تؤول طردياً للصفر ، لكني ما زلت أؤمن بأن لا شيء استطاع إحيائها والإيمان بها بداخلي سوى أصدق الصرخات التي أشعرتنا يوماً بقليل من الكرامة الأولى التي أودعها الله فينا ، لنكتب تاريخنا كما لم نقرأه.
اللغة كهلة أمام عمق حفر الذاكرة في رأسي اليوم ،و هذا ما استطاعت أن تقدمه كتحدي ..\