وابتسمت بكلّ الثّكل بداخلك لمارٍّ فضوليّ مستغربٍ من منظركِ ،
وأنت الهازئة كالطفلة التي ما زالت تتأرجح على حواف السور بداخلك
غير عابئة بأي شيء..تكملين الطريق مذعورة بريبةِ القذيفة من الشهيد الكاشف صدره. و
بكلّ عبثيتها .
صحراء نبتت عبثاً في واحة القلب ، و عليك أن تحيَي و أن تحيَي برغم
ألف ذبحة تمرّر في صدرك يومياً ، و ان تعيدي خلق أصابعك مرة بعد أخرى كلما بُترت و
هي تعبث برياح الفضوليّين لتلهيهم ع
ن غصّة مكلومة . بلا صوت بلا رائحة
. مرئيّة.
في قِدرٍ من الخيبات ، يُطهى هذا الوجه ..و يستيقظ كل
صباح رغماً عنه بعد كل وهنٍ و ليل طويل طويل و وحشة ذابحة و صرخاتٍ مبحوحة
اغتصابات المجهول و انهيارات الأسئلة الباحثة عن اي ايماءة من المعنى .
الشّهيد ماضٍ في دربِه ، الطّريد ما زال يحاول عبور
الأسلاك التي تتسلّق جسده عُنوة ، كالغربةِ
امّ المعتقل ما زالت ترى جميع رفاقه يشبهونه ، أم
الشّهيد تبحث عن ابنها خلف الصورة ،لعله خرج مازحاً
صبيّة المفقود تتذكّر آخر كلامه : إن سبقتك إلى السّماء
فلأهيّئ لك الأجمل" ... وتشيب كلما فكّرت باحتمالية عدمِ دخول الجنة و لحاقها
به.
مجتمع الجامعة أيضاً ، على الصعيد الآخر ما زالوا
يتحدثون بأنسب اوقات الدراسة و أسوء العلامات التي نلنها و اكثر المواقف احراجاً .
عامل النظافة ما زالت تطارده قذارة هذه الدنيا ، سائق التكسي ما زال يسمع معتوهاً
كالوكيل.
الشارع يمرّر على جسده كل الضجيج الذي لا ينتهي ،بلا اي
قدرة على ايقافه
الغائب يبعث لكِ بان كوني بخير، كلا الحُسنَين ، خير ..
وصديقتك تصمت ،وتكمل المسير معك.
و لحظة جوفاء من كلّ شيء إلا ذباب الرأس بين كل هذا
الضجيج ، كفيلة بأرجحتك على حافة الجنون ،و اليقظة .
فتختارين المضيّ مجنونة إلى آخر هذا الطريق ، حاملة
رحْلَ الذاكرة ، بلا سيقان ، جوفاء إلا من الضحك المثكول ، والحنين إلى الغياب ،و
جَنينٍ نُفِخَ في روحك منذ الأزل، يشبه إلى حدّ ما :الوطن .
لانّك ، كما هوَ ، برغم ألف وجع يدق النوافذ كل فجر
..خلقتِ و خُلق للبهجة ...
ويا وطنّا و يا غالي ..