السبت، 29 سبتمبر 2012


رغم عُصارة المرارة ِ التي تسري في عروقِ جسدي مؤخّراً،استطاعَت مخيّلتي أن تحبَل بصورٍ مداهِمة سريعة عندما سمعت صوتها صارخاً :مطر يا بنان،مطر . كفيلةٌ هذه اللحظةِ كانت بأن تحيي بداخلي قشعريرة لن أشفى منها . صورة لرجل ستّيني دمشقيّ الطقوس وهوَ يركض نحو الباب لتلحق شعرة من جسَده أن تبتلّ ،حين سمع صوت ارتطامِ أولى قطرات المطر بالزجاج . شاب عاشق هارب قلبه من قذيفةٍ سريعة مهرولاً نحو بيت صبيّته لينتصب
لها بكل جراحه وتَلاحُقِ أنفاسه المتعبة حاملا وردة تعشقت مطراً،ودخان. عائلةٌ يطيب لها شراء ربطة خبزٍ في هذا الوقت ،يضحكون بهستيرية كلما استيقظوا على منظر أحدهِم وقد غرقت ثيابه بالماء... وكانت آخر الصور قذيفةٌ مجنونةٌ لم تعِ ضخب مطر دمشقِ يوماً ارتفعت لتسرقَ فرحاً السوريّ حد النشوة ّ بعد طول جفاف ...وتسقط ُ خائبة دون أن تصيبَ طائراً حتى. سيعلَن اليوم عن شهداء و سيرتطم فرحنا بزجاج العداد المجنون ولكنَ القذيفة لن تصلَ يوما لروحِ دمشقي ما زال ّ يكشف صدره و جسده لمطر المدينة ....وكل هذا الموت ينتصب قنّاصاً على أكتافه.
فليسقط القنوط،كل القنوط .
ولتحيا دمشقُ اليوم...ولتحيا دمشقُ اليوم !


الثلاثاء، 25 سبتمبر 2012


أصبحَ من العبثيّة اليومِ عادة المرثيّة لكل صاعد نحو الحلم ، مقترب من الأرض ...كلما اقتربت من الجهاز لأكتب شيئاً اندحرت اللغة أمام عجز يخرخر داخل الصدر كالنّشيج ، عجز عن أنا أقول كلّ الأشياء التافهة التي تدور في رأسي ..
ولكني اليوم سأكتب دونما تفكير و سأكسّر جمود اللغة و حدودها لأمارس شيئا من هذه العبثية على طريقتي 

أتذكّرنا جيدا حين لم نكن سوى اسما كسرت الثورة الحدود لايصالنا لأبجديتنا التي تشبهن
ا إلى حدّ بعيد ، بانكسارها و بتعقيدها ، و ببساطتها حين لا يجدي صف الأحرف ...
كانوا قريبين من أبعد نقطة في العالم ، مثخنة جراح اأجسادنا بالجنون و الجنون و الجنون
 
في السياق المشوّه التقينا
 
و في كل هذا البشاعة المركّبة كان عهدنا الضمني برغم كل المسافات :لن نشوّه
 
إلى كل من التفت قبل أن يتوارى في زحام القذائف و الدخان ، وإلى كل من اعتدنا تفاصيلهم كل يوم
 
ولبسوا الكفافي و مشوا ....
لا تتشوّهوا أرجوكم،

و إلى كل من يجلس وراء هذه الشاشة ينتظر صناعة بطل منهم ، او مرثية
لا تحمّلهم بشاعة فوق البشاعة

أصدقائي...جميعكم
 
على رصيف الوطن ، او على أي رصيف آخر ...يا من صنعتنا وجوه الشهداء و الغيم المنتظر و الوحش المعذّب و الليل و الغربة و هرولة الزمان و الدمع المبتور عند منتصف الطريق ،الحزن العتيق و القمح و الافواه المكممة و الشمع الذي يرتجف و الأكفان البيضاء و الأرض المخضبة بالصرخات
و زحام الموت الذي كان ينتصب لنا كلّ ليلة،
 
لن نتشوّه
 
و إلى الصاعدين الصاعدين ،
 
بأمان الله ...بأمان الله و رعايته .