الجمعة، 23 نوفمبر 2012

للبغتة الأخير،ربّما

الضّوء عندما يبلغُ أقصى درجات الصفاء يزداد هشاشة و يهرب في الفراغ،مثلنا تماماً. في سلّم الهزائم ثمّة هزيمة لا نملك حيالها أي شيء سوى الاحتراق على أعتابها كحطبة يابسة أو حملها في الذاكرة فتيلاً والابتعاد عن مدافنها.

ما هي الخيارات الموضوعة أمامنا كي لا نجنّ؟ لم نطلب نحن شيئاً وقتها إلا الإنصات لدهشتنا و إلى الحلم يسري بداخلنا،فيكبر،ويكبر.
وما استطعنا اعطائه هذه الفرصة.
إلى القصة التي بدأت بتفصيل صغير ،عفويّ ،لتصبحَ حالة تمركزٍ يصعب التخلص منها ،وإلى الحماقة الجميلة التي ارتكبناها ونحن نكرّس كل الدنيا نحونا ،ولكن تحمُّل صَفعَ بشاعة اليأس قد يصبح قاسياً و ثقيلاً...والطعنات تأتي في أقل الأوقات انتظاراً.
والآن المطلوب منك أن تأمري عقلك أن لا يسير بنفس السرعة الجنونية التي يسري بها الآن،ولو لبعض الوقت،حتى تعبري على الأقل

ما الذي سيحزن الفتاة التي بَنَت خلائَها بفرح مستحيل ظنّت أنه أتى و ظلت وفية لخرافة رسمتها بكل تفاصيلها؟ فتهاوى الحلم أمامها دفعة واحدة؟
يا غريبة كل المنافي،وكل البلاد ...ها قد جانبت الحياة لبعض الوقت فابتسمي
ولو بكل الثكل داخلك و تنصّلي بعدها من هذا المكان إلى داخلك .واصرخي بالضحكات و اكسريها في الخلوة و الفراع ،وادخلي أعظم الحالات التباساً
فهذا العالم ليس بهذا الجمال..ولا البياض
يا ضائعة في هذا القفار ،عشرون سنة و بضع خيبات مرت ،بضع افراح صغيرة، كان عصيّاً على كل الابجديات حمل كثافتها،بضع صرخات،و كثير من الحنين والذاكرة ،وكثير من الذاكرة..
مرّت و تركت لك زرعاً مرّاً في الأحشاء و تمزّقاً كلما أقبلت عليك الحياة مرة واحدة توغّل اكثر و ذكّرك : خبّئي ما بقي من وجهك يا غريبة كل المساحات،اينما وجّهتكِ
أغلقي كل نوافذك وكوّاتك الصغيرة ونامي داخل خيباتك و عندما تستفيق فيك شبه الحياة تيقني منها حتى تكتمل .

صرختِ في وجه الاستحالات كلها،أكلت تراب اللعنات التي تلاحقك فتجعل منك استثناء في كل شيء،وشربت النكسات نكسة نكسة،خيبة خيبة
مرّرتِ بداخلك شبه الدّم وكل الخوف والجرح الذي ينزل من القلب كالخط المستقيم وكنت برغم الحالة التي كان محكومة بالتآكل الحتمي والخراب ،عصية على اليأس
وتَنامَى الجرح و الصدء في الأعماق و تخردقتي
ولكن الألم حين يصل لمنتهاه يموت الجسد،ولا يبالي.ويتضائل الخوف من الموت بل و يصبح الموت امنية مستحيلة
كم يلزمنا من الألم و الانكسارات و الاستيقاظ بعدها أحياء لندركَ اننا طوال وقت ليس بقليل ،  كنا نركض وراء غيمة جافّة حفاة عراة من كل شيء إلا الامل،فاستحالت الغيمة في أقل الأوقات توقعاً إلى رحم يابس يائس لا ينجب سوى الفراغ.و مجهول.
في كفي بقايا قصص قديمة لم تعد صالحة وموجات لم تسعفها الرياح ليصل صوت الحقيقة فيها إلى أذن هذا العالم البشع ،وخيبات لا تحصى.

ماذا يختبئ خلف مختلف الغلالات و أحجبة الفتنة الوهمية ؟
لا صوت،ولا صدى ..وضباب،ضباب
ورهان على صدفة قاتلة أخرى تحمل الإجابة و تكثّف صفاء الطريق،أو تمحقه كآخر فرصة لليقظة.

لأول الانكشافات،والمباغتات، لكل المطلق الذي حمله قدومك مكسوّاً بناحية من الفجر ولشبه الحلم المذبوح بنصفه ،لأشهر وبعض الأفراح الصغيرة التي لم تقدر يوماً ولم تستطع اللغة لها حملاً
للوطن فينا المسجى بالمراثي ، ولقمحنا ،ولطفولتنا في كل الحارات ،للمعنى الضائع غفلة ليقين المؤمن لحظة الضعف
وللصوفية التي رقصت طرباً فوق اوجاعنا المهترئة...لكل هذا و أكثر،علي أن أعبرهذه الصدفة معك و القدر مفتوحة العينين عارية القلب والذاكرة. وأن أمضي..
وأن نمضي...ونكمِل
حتى النهاية. 


الأربعاء، 17 أكتوبر 2012




الشّهيد ماضٍ في دربِه ، الطّريد ما زال يحاول عبور الأسلاك التي تتسلّق جسده عُنوة ، كالغربةِ
امّ المعتقل ما زالت ترى جميع رفاقه يشبهونه ، أم الشّهيد تبحث عن ابنها خلف الصورة ،لعله خرج مازحاً
صبيّة المفقود تتذكّر آخر كلامه : إن سبقتك إلى السّماء فلأهيّئ لك الأجمل" ... وتشيب كلما فكّرت باحتمالية عدمِ دخول الجنة و لحاقها به.

بائع الخبز ، ما زالت خميرته تنتظر رغيفا صباحياً يقطع الاب من أجله كل الموت بين بنايتين ولا ينجو، ولا يصل الخبز

مكملين ،مكملين نحنا . ولو استحالت طريقة الحياة إلى اصطيادها من الفوّهة ،ولا شيء الا الفوّهة

#مكملين

الثلاثاء، 16 أكتوبر 2012



وابتسمت بكلّ الثّكل بداخلك لمارٍّ فضوليّ مستغربٍ من منظركِ ،
وأنت الهازئة كالطفلة التي ما زالت تتأرجح على حواف السور بداخلك غير عابئة بأي شيء..تكملين الطريق مذعورة بريبةِ القذيفة من الشهيد الكاشف صدره. و بكلّ عبثيتها .

صحراء نبتت عبثاً في واحة القلب ، و عليك أن تحيَي و أن تحيَي برغم ألف ذبحة تمرّر في صدرك يومياً ، و ان تعيدي خلق أصابعك مرة بعد أخرى كلما بُترت و هي تعبث برياح الفضوليّين لتلهيهم ع
ن غصّة مكلومة . بلا صوت بلا رائحة . مرئيّة.
في قِدرٍ من الخيبات ، يُطهى هذا الوجه ..و يستيقظ كل صباح رغماً عنه بعد كل وهنٍ و ليل طويل طويل و وحشة ذابحة و صرخاتٍ مبحوحة اغتصابات المجهول و انهيارات الأسئلة الباحثة عن اي ايماءة من المعنى .
 

الشّهيد ماضٍ في دربِه ، الطّريد ما زال يحاول عبور الأسلاك التي تتسلّق جسده عُنوة ، كالغربةِ
امّ المعتقل ما زالت ترى جميع رفاقه يشبهونه ، أم الشّهيد تبحث عن ابنها خلف الصورة ،لعله خرج مازحاً
صبيّة المفقود تتذكّر آخر كلامه : إن سبقتك إلى السّماء فلأهيّئ لك الأجمل" ... وتشيب كلما فكّرت باحتمالية عدمِ دخول الجنة و لحاقها به.

مجتمع الجامعة أيضاً ، على الصعيد الآخر ما زالوا يتحدثون بأنسب اوقات الدراسة و أسوء العلامات التي نلنها و اكثر المواقف احراجاً . عامل النظافة ما زالت تطارده قذارة هذه الدنيا ، سائق التكسي ما زال يسمع معتوهاً كالوكيل.
الشارع يمرّر على جسده كل الضجيج الذي لا ينتهي ،بلا اي قدرة على ايقافه
الغائب يبعث لكِ بان كوني بخير، كلا الحُسنَين ، خير ..
وصديقتك تصمت ،وتكمل المسير معك.
و لحظة جوفاء من كلّ شيء إلا ذباب الرأس بين كل هذا الضجيج ، كفيلة بأرجحتك على حافة الجنون ،و اليقظة .

فتختارين المضيّ مجنونة إلى آخر هذا الطريق ، حاملة رحْلَ الذاكرة ، بلا سيقان ، جوفاء إلا من الضحك المثكول ، والحنين إلى الغياب ،و جَنينٍ نُفِخَ في روحك منذ الأزل، يشبه إلى حدّ ما :الوطن .
لانّك ، كما هوَ ، برغم ألف وجع يدق النوافذ كل فجر ..خلقتِ و خُلق للبهجة ...
 

ويا وطنّا و يا غالي ..


السبت، 29 سبتمبر 2012


رغم عُصارة المرارة ِ التي تسري في عروقِ جسدي مؤخّراً،استطاعَت مخيّلتي أن تحبَل بصورٍ مداهِمة سريعة عندما سمعت صوتها صارخاً :مطر يا بنان،مطر . كفيلةٌ هذه اللحظةِ كانت بأن تحيي بداخلي قشعريرة لن أشفى منها . صورة لرجل ستّيني دمشقيّ الطقوس وهوَ يركض نحو الباب لتلحق شعرة من جسَده أن تبتلّ ،حين سمع صوت ارتطامِ أولى قطرات المطر بالزجاج . شاب عاشق هارب قلبه من قذيفةٍ سريعة مهرولاً نحو بيت صبيّته لينتصب
لها بكل جراحه وتَلاحُقِ أنفاسه المتعبة حاملا وردة تعشقت مطراً،ودخان. عائلةٌ يطيب لها شراء ربطة خبزٍ في هذا الوقت ،يضحكون بهستيرية كلما استيقظوا على منظر أحدهِم وقد غرقت ثيابه بالماء... وكانت آخر الصور قذيفةٌ مجنونةٌ لم تعِ ضخب مطر دمشقِ يوماً ارتفعت لتسرقَ فرحاً السوريّ حد النشوة ّ بعد طول جفاف ...وتسقط ُ خائبة دون أن تصيبَ طائراً حتى. سيعلَن اليوم عن شهداء و سيرتطم فرحنا بزجاج العداد المجنون ولكنَ القذيفة لن تصلَ يوما لروحِ دمشقي ما زال ّ يكشف صدره و جسده لمطر المدينة ....وكل هذا الموت ينتصب قنّاصاً على أكتافه.
فليسقط القنوط،كل القنوط .
ولتحيا دمشقُ اليوم...ولتحيا دمشقُ اليوم !


الثلاثاء، 25 سبتمبر 2012


أصبحَ من العبثيّة اليومِ عادة المرثيّة لكل صاعد نحو الحلم ، مقترب من الأرض ...كلما اقتربت من الجهاز لأكتب شيئاً اندحرت اللغة أمام عجز يخرخر داخل الصدر كالنّشيج ، عجز عن أنا أقول كلّ الأشياء التافهة التي تدور في رأسي ..
ولكني اليوم سأكتب دونما تفكير و سأكسّر جمود اللغة و حدودها لأمارس شيئا من هذه العبثية على طريقتي 

أتذكّرنا جيدا حين لم نكن سوى اسما كسرت الثورة الحدود لايصالنا لأبجديتنا التي تشبهن
ا إلى حدّ بعيد ، بانكسارها و بتعقيدها ، و ببساطتها حين لا يجدي صف الأحرف ...
كانوا قريبين من أبعد نقطة في العالم ، مثخنة جراح اأجسادنا بالجنون و الجنون و الجنون
 
في السياق المشوّه التقينا
 
و في كل هذا البشاعة المركّبة كان عهدنا الضمني برغم كل المسافات :لن نشوّه
 
إلى كل من التفت قبل أن يتوارى في زحام القذائف و الدخان ، وإلى كل من اعتدنا تفاصيلهم كل يوم
 
ولبسوا الكفافي و مشوا ....
لا تتشوّهوا أرجوكم،

و إلى كل من يجلس وراء هذه الشاشة ينتظر صناعة بطل منهم ، او مرثية
لا تحمّلهم بشاعة فوق البشاعة

أصدقائي...جميعكم
 
على رصيف الوطن ، او على أي رصيف آخر ...يا من صنعتنا وجوه الشهداء و الغيم المنتظر و الوحش المعذّب و الليل و الغربة و هرولة الزمان و الدمع المبتور عند منتصف الطريق ،الحزن العتيق و القمح و الافواه المكممة و الشمع الذي يرتجف و الأكفان البيضاء و الأرض المخضبة بالصرخات
و زحام الموت الذي كان ينتصب لنا كلّ ليلة،
 
لن نتشوّه
 
و إلى الصاعدين الصاعدين ،
 
بأمان الله ...بأمان الله و رعايته .

الثلاثاء، 28 أغسطس 2012



على عكّاز متقوّص هرم تستنده أضلاع الكتف المهشّمة و مئة هزيمة و خيبة أتكئ أنا برأس ثقيل يدور فيه صفير طويل لا يتوقف ، يأكل كل الحرائق التي تشتعل مع كل دورة للعداد المجنون ...
عرق عرق عرق
ومسلسل طويل ، نهايته اللانهاية
وِحدَة تسحب ملاامح وجه الصبية المنهكة ،انا
هناك بعيدا
فيروز أيضا تسحبني ...و صوت الرصاص
كالحزن كالشّهيد و كرائحة البيوت المهجورة حين يبللها المطر القادم
و كشهقة الفجر كنتَ انت
كنتَ في دهاليز الوقت الغريب ولا زلت أرى خيالك بين صحو و سكر ، كلّ حين
و كانت الأرض التي تعتصر الوجع من الخاصرة عصير كرز مشبع برائحة الدّماء
ما زلت هُنا ، انا
أغني و أغزف أوتاري على بطن هذه الأرض
أمتطي خيل الزّمان ليمضي سريعا
لأتلاشى
ليتوقف العداد ،أو لأظن ذلك
وأبقى ، و يعلو العزف و ترتفع الأرض و تهبط ...حتى نهاية هذا الطريق
و ليس للطريق نهاية !

الاثنين، 20 أغسطس 2012

غولاي..




رتبت كل الفوضى التي عصفت بداخلي حين قال لي بأنك ستكونين بخير
"
بنان غولاي قالتلي عنك كتير قالتلي انتي شمسا و اكتر وحدة بتوثق فيا و انكن قوايا وانا ما بدا تموت بلاةما تشوفك. .رح تشوفك اكيييييد. . و هية هللا مشتقتلك كتير انا متأكد كوني قوية كرمالا " .
تقمصتك يا صبية ليلي الحالك ...كنتي جميلة جميلة حلم البحار، شغف المعتقل، صرخة الطفل و ابتسامة شقية تسكنك لحظة ركلك الباب القبيح، وقدوم الحلم المؤجل"
ابتداء الرجفة و عمق الحنين. بطن الهزائم.. وجه الوطنءالبعيد المسجى بالمراثي. ما يستحق الحياة و الاصرار و العمر الندي. كل الحب كل الوجع كل المسافة كل الامل كل اليأس كل التفاصيل و كل الحرية
كنت امي ... يا امي
"ردي ع قلبي الدفا ما كفت تيابي غنيلي تيوعى الغفا و يوقف على بابي "
كوني .بخير و كلنا قوايا و ناطرينك و بكرا بدنا لسه نغني للصبح "جنة" والامسية اللي انبح صوتك فيا و راحت بدنا نعمل متلا الف..ارجعي ولي في عمر ناطر
وفي وطن بعمر الغيم العتيقةو جاية الشمس والايام ما بتوقف عرماد اللي راحوا ع خاتم الزمان على الحجار السود ال بقيوا من الحيطان ع منديلك امي ع بواب البيوت رح نكتب يا وطني الوطن ما بيموت...ما بموت
يللا. ...خلص فجر اليوم الرابع.

الاثنين، 6 أغسطس 2012

فتبل العجز حين احترق



لكِ يا سيّدة الخَيبات الأولى يا عجزَ الهزائم يا مكمّمة اللغة،يا ذَبحة الظهر بالفواجع ،لكِ في مثل هذه اللحظات التي تزدحم بها وجوه الشّهداء و الرّاحلين و العابثين و صرخات الامهات التي ثكلت و التي ترسيمنَها مثكولة بعد حين ، لحظات تجسّد المسافة أمامك غولاً يحنّط النّحيب الذي يسيل من خواصرِك القاصِر على عبور بضع الأمتارهذه التي تفصل عتبة البيت بالقرارِ ،لكِ في مثل هذه اللحظات ان تتفتّقي عن وحشٍ نما بدا
خلك طوال هذه السنين التي تحصينها بخيباتكِ
و تصرخين فيه حدّ أن يسرق صوتك و يُبحّ في لجّة هذا الليل المسكون بشقائك و يتمِك
تبحثين بغباء لا يمتّ للأنثى فيك عن شَيبَة لربّما ضاعت في زحمة كلّ هذه الكهولة التي يتعشّقها جسدك كل يوم
و لا تجدينها
أكان جديرا بهذه الروح الطرية المهجورة المملوءة بالخفافيش و أصداء الجثث التي تعتمِر تجاويفك أن تقف لكلّ هذه اللعنات بلا أدنى دليل على هرمها كاحتراق شعرة مثلا ؟

و قمح



أجالس على عتبة الموت و لوعة المسافات الثقيلة كالركام ظلا يشبه جثتي التي دفتها منذ قليل..ولا شيء يحتم أن هذا الظل هو انا سوى اصوات انهيارات الحبال بداخلها
لم أستطع أن أهزم المسافات و الشاشات اللعينة لأقول لك ما زال في العمر متسع للبكاء سوية فلا تفعلها دوني...صرخت ملئ صوتي للوطن الذي وجدته بداخلك نهشت الذاكرة الماكرة علها تعيد لي صورة لوجهك وهو يبتسم بهدوء و خذلتني. ..كعادتها
غبت حاملا كل حريق الغيم بيديك و لم تقل شيئا.
لا عليك...لا عليك
كان جديرا بالقمح الذي زرعناه بداخلنا ان يوحدنا فقط في هذه اللحظة..لحظة المباغتة القاهرة للغربة للوحشة للعقد النفسية التي سقتها الدماء في.وسط قلوبنا...
كان جديرا بالقمح أن يوحدنا. ..ولو على الغياب

الأحد، 5 أغسطس 2012

عملية بحثٍ باءت بالفشل



قَد يَحدُثُ من شدّة التّماهي أن تبحثَ تحتَ الأنقاضَ عن آخر ما تبقّى من الحيوان المهروسِ بداخلك حين تستحيل اللّغة المتخمّرة في جوف معدتكِ إلى وجعٍ مبحوح الصّراخ أبئَسَ من كلّ
اليُتمِ أعبَث من كلّ المصير ،أنتَ الآن لا تصِف يقدر ما توصَف ،
كلما شعرتَ بساعات انتقال الوجود الإنساني من ضفّة لأخرى

حيٌّ تماما
أو ميتٌ تماما..و مع كلّ هرولة لعداد الموت امامك تبتعد المسافة بين الضفتين
و تكمّمُ اللغة أكثر..
يا أيّها الثّمل بالمراثي التي تعانقك كما يعانق الدّخان سماء بلادك .. تحيّرت المدافع التي تسكنُك..أيّ مُتجه تقصفِ و قد أحرقت كلّ موضعٍ في جسدُك ؟
في أي ثقب ستزرع طلقاتها و قد تخردقت أجزاؤك جميعها و استحلّ صدى الوحشة
هذا الكهف الذي تجرّه كلّ يوم ورائك ؟
أردت -قبلَ الرّحيل - أن تسخر من الحياة بابتسامة وجهٍ تعشّق القهر و العجز و المرارة والغربة و البؤس العتيق والدّمع المبتور في منصف الطريق، و ولكنّ ملامحك سقطت بيدٍ خاطفة فحرّكت كل البيادق كلّ الثكنات كل المدافع
تزامناً مع اعلان هذه الأرض حاجتها الماسة للقتلى
غمست السكين بالألم الذي نزفته خاصرتك كل هذا الوقت و حفرت على جبهتك : خطواته إلى ضفة الغياب كانت أقرب "
ايا روحا بداخلها تتكسّر الظلال كلّ يوم أكثر ...
حتى أضحيت تعدّ شاهد عمرك المسروق
ضعت في الزحام الذي اكتسحه الموت
فرحمة الله عليك...رحمة الله على ما تبقى من الرّوح منك !

حتى انعدامٍ آخر



وأنتِ تلفظين جثثك البالية من رأس حلقك كلّ فجر حين تشتدّ الحشرجة ، تتشبثين كقرويّة بخيط شمس يتأرجح على ثوب السّماء و تحاولين التماهي فيه ما استطعتِ حتى لا يفلح ذلك الوحش العقيم في ابتلاع النحيب بداخلك دون أن يسقط عليه ضوء فيفضح جريمته المعتادة
و تُهزمين ...و تَهرمين
هرمت يا غجريّة الزّمان بلا مكان
هرمت ...هرمت قصصك التي لا تنتهي \ استعاراتك التي تتقمصينها بغباء جميل .
نضج التفاح عند كلّ جرح في
معابرك و فتّق شرايينك
يا صبيّة الليل ، كبلادك
كم لزمك من العدم حتى تجمعي أشلائك و تبصقينها على قارعة هذه الحياة التي استحالت أضيقَ من حذاء ، كم لزمكَ من قوّة حتى تهجّي أبجدية وجودك ثانية بعد كل انعدام ؟
فكوني ثانية ككلّ فجر مولودة من رحم كل هذا الفصام
جماع الغيم و الوحش المعذّب و الليل و الغربة و هرولة الزمان و الدمع المبتور عند منتصف الطريق ،الحزن العتيق و القمح و الافواه المكممة و الشمع الذي يرتجف و الأكفان البيضاء و الأرض المخضبة بالصرخات
و زحام الموت الذي ينتصب كلّ ليلة ...
اجمعي خيباتك وجهاً عصيّا على التكهّن عصيّا على الرّسم
كوّنيها وجها عصيّا عن الموت .




الخميس، 28 يونيو 2012

مولود الجنّة، فقط في سوريّا


في مثلِ هذا الوَقت من اللّيل، و أنتِ تمسكين بحرفِ أبجديّة هربت من ملوحة دمكِ
يتشبّث الشهداء كخيطُ ماء بملابسِك لا تدركين كنهه
ذلك الذي تلذع برودته...لتمسّ حريقاً ينشبُ بداخلك مع كلّ وجه يمر من أمامكِ
تبتلعينه  كما تبتلعه نشرة الأخبار
وتهرمون كليكما...وتتعفّن الدّهشة
و ضحكات مجنونة  للعالم خارج قوقعة رأسك الخالية إلا من الصّدى تأكل ما تبقّى منه
من أين تجمعين رياحاً تكفي لاهتزاز اوتارك بضع ثواني
علّ صوتاً يهزّ أكتاف هذه السّماء من الخدر
أولم تتكسّر أضلاعك و أنت تلمّينهم من الشّوارع ؟،من وسط عائلاتهم "
من بين رفاقهم ،في طريقهم لنيل رغيف خبز، من رحم أمهاتهم؟؟
أما استكفَيتِ شبقاً للخانات الثلاث التي تصنعينها بنزيف رحم هذا الوطن الذي يلد بضع مشوّه حرب
و يجهض على قارعة الطريق  الآلاف؟؟
يضجّ الشّهداء من الحديث
ومن صراخك المخنوق بالعجز
ويرحلون ..
وعليكِ انت حينها أن تخلي شيئا من التجويف ليستقبل حفيف جثث الليلة و هي تُجرّ إلى داخله
ويتفتّق خيط فجرِ عن كلّ هذا الليل
حينما أطلّ هذا الوجه
مولود الجنّة
فاجمعي رفاتك و انثريه على عهر هذه الدنيا
وقولي لهم بأنك من ضلع مدينة تصنع مواليد جنّة
و أعيدي الشّهداء ليكملوا النّشيد الذي يبتدا به ليلك
و ابتلّي بالدّهشة
لم يهزم الجفاف سمائك
فابتلّي...بهذه الدهشة تلدُ الجنة على أرضك
ابتلّي بأرضك ...بين حين وآخر
تصنع المعجزة !

الثلاثاء، 19 يونيو 2012

تفجّعات..



وفي كلّ ليلة تفكّرين في ماهيّة الغياب الذي يسكنك ظلّاً يحترق فتيله كلّ صباح و لا يتماهى و لا يتجلّى عن شيء،
وتزدادين غيابا بحصادهم كلّ يوم
يزداد التجويف في راسك و تكبرين تكبرين كلما حلّ ليل آخر في وجهك أخاديد.
تتزاحم الوجوه على نافذتك كل مساء كلّما ارتعشت الشّموع التي تسكنك
يسأَلكِ هو:  أما سأمت عدّ الشهداء يا أرضا تهيّئ غفو الشّهداء على ترابها الغض قوافل
 هاربةً من الموتِ وحيدة
تخافين من أن يركض ورائك وجهُ شَهيدٍ لم ينخزك به صدرك في زحمة هذه الذّبحات فتصرخين :
يا أسماء الله اعصفي بي روحا تلاحقهم يوما و لا يلاحقونني .
ابتلعي هزيمتك الليلة يا ابنة أرضٍ تتضرّج بأجسادِ الرّجال
وتأرجحي على الحدّ الفاصل بين الانتحار و الجنون
خوفاً من كلّ هذه الوحدة التي تستريح إليك ليلاً و على ضفاف الفجر
تفكرين بكلّ ما فقدتيه منذ شارفتِ  حدودَ الشّمس
وببداهة الموت تدركين لا جدوى من فتق الجراحِ كلّما اعتصرتك جهنّم قلبك
لا يسعُكِ الآن إلا تجييشِها في البحث عن صوت يهرب بك من الموت هنا تحت انقاض الوحدة
إلى الموت الجماعيّ في شوارع بلادك
نعم ، تشظّينا و لكنهم لن يمرّوا على ذاكرتنا
و إن استطاعوا ذلك فليمرّوا قبل ذلك
على كل ما تلفظه هذه الرّوح من جثث
أولا
 يطلّ النّشيد ككلّ مساء
"سنَعبُر غداً
وسنخنق هذه الوحدة يوماً حينما نعلّق أنفاسنا على عنق صخرة وطن و نجهش بالبكاء
ليس هناك ما يكفي من النّسيان لتنساكِ كلّ هذه الرّعشات  يا ذاكرة لا تستريح إلا بعجزها على أن تكون مهزومةً للنسيان .